أغلال الروح شيماء الجندي
المحتويات
ثم وقفت تحدق بهيئتها أمام المرآة بأعين متسعة مذهولة و قد اسعفها عقلها أن تمد يدها إلى القميص الأسود الخاص و ترتديه أفضل أن تتحرك أمام أنظاره بتلك المنشفة و قد فعلت !!!!
لا مش قادر فعلا !!!
متحاولش تفسر حاجة بمزاجك بسبب حضرتك هدومي اتبهدلت و اضطريت استلف دا لحد ما أروح أوضتي !
آه طبعا طبعا ! أنا اللي بهدلت هدومك !
أنت مش مصدق !!!! على فكرة دا اللي حصل وهدومي مرمية عندك أهي جوا !!!
أنا مبقتش محتاج دليل عشان أصدق كلامك بس القميص شكله يجنن عليك !!!
تصبحي على خير ياسديم !
و أثناء حركتها إلى الخارج أعلن هاتفه عن مكالمة و أجاب يفتح مكبر الصوت ويواصل بحثه ليصدح صوت الحارس قائلا
توقفت محلها عاقدة حاجبيها خاصة حين تبدلت ملامحه و أردف بحدة
لأ متدخلهاش ولا أقولك استنى أنا هجيلها !
و بالفعل تحرك مسرعا إلى الخارج بخطوات غاضبة غافلا عن تسمرها محلها تراقب انصرافه بصمت تام !
الفصل الواحد والعشرون مناوشات !
سقطت وسط مجموعة من التناقضات كأنها تهمس لي في كل لحظة هون على نفسك فاختبارات الحياة مستمرة و لن تتوقف إلا في حالة توقف أنفاسك !
و بالفعل مرت أمامه و تركت متعلقاتها فوق المنضدة الجانبية و عادت إليه تنظر إلى ملامحه الشاحبة للحظات معدودة قبل أن تتحرك تجاه الآلة ليهمس لها متسائلا وهو
يتابع أثرها بدهشة
منمتيش ليه الصبح قرب يطلع !
ضحكت بخفة و قد استقرت فوق الآلة تستند إليها بكوعها و عينيها تراقب ملامحه المجهدة لتهمس باستنكار
عقد حاجبيه و رفع زاوية فمه قائلا بدهشة بعد أن تحرك من مكانه و استقر أمامها
و تعرفي أسبابي منين
تلاشت بسمتها الصغيرة و حدقت به بصمت لحظات قليلة قبل أن تقول بحزن
اتخدعت في حد قريب منك مش كدا
عقد حاجبيه و أردف بنبرة مټألمة ساخرا من حاله
سرعة بديهة تتحسبلك أو يمكن أنا مبعرفش اخبي زيك !
زفرت أنفاسها بإنهاك و أردفت بهدوء وهي تعتدل
ملهوش علاقة بالبديهية وعلى فكرة دي بداية الصدمة و هتتعود تخبي لما تلاقي نفسك شايل مسؤلية و مضطر تبقا قدها !
ثم ألقت نظرة خاطفة عليه وعادت تنظر أمامها إلى الزجاج المطل على الحديقة تكمل بسخرية لاذعة
زيي ! بس أنت على طريقة متربية شوية مش طريقة الڼصابين
نظر أرضا وهمس بندم ظنا منه أنها تعاتبه على كلماته تجاهها
أنا آسف بس حطي نفسك مكاني الموضوع كان صعب عليا وقتها خصوصا إني كنت أقرب واحد ليك وكان أغلب وقتك معايا !
هبطت عن الآلة بل و توجهت إلى أقرب حائط تجلس أرضا و تستند بظهرها إليه قائلة بهدوء
بس أنا متضايقتش منك ياسليم كلامك كان صح ومتوقع كمان منكم محدش هيفرح إنه اتخدع !
تبعها حيث استقرت جالسة و هبط أرضا يجلس بجانبها و ينظر أمامه بشرود متهكما داخله على حديثها عن الخداع و قد كان العم الأكبر يحتال على أسرة بأكملها كما قالت الجدة بينما هي خدعتهم دون أن تمس أحد بضرر عند تلك الفكرة عقد حاجبيه و نظر إليها هامسا پألم شديد
طيب و لو الخدعة دي هتوجع ناس كتير لو خرجت و في نفس الوقت متقدريش تكتميها جواك و لا عندك شجاعة تصارحي حد و تخربي حياة كل اللي حواليك هتعملي إيه
وكأنه يتحدث عن بداية طريقها المدنس كانت مثله تماما تائهة ضائعة بين دروب الخير و الفساد و بين ألم خداع والدها الحبيب بحقيقة أموالهم و صمتها الإجباري على أفعال والدتها و تبدل أحوالهم المعيشية بمهنة ابنتها المشينة التي قضت على والدها و أنهت حياته !! أغمضت عينيها لحظات تدراي دمعاتها ثم نظرت إليه تسأله بحزن
هفكر وقتها مليون مرة الخدعة دي لو خرجت هتفيد ولا تضر يعني لو الحقيقة هتفيد هوصلها بأقل خساير و لو هتضر هعتبر نفسي مسمعتهاش !
سألها مباشرة عاقدا حاجبيه عله يجد دواء علته داخل كلماتها المتزنة
قصدك زي ما خبيتي على الكل إن آسر اللي جابك
تنهدت و هزت رأسها بالإيجاب و كادت تواصل شرودها لكنه أكمل بتردد ملحوظ
ينفع اسألك سؤال و تجاوبيني بصراحة
هزت رأسها بالموافقة و أولته اهتمامها ليسألها مباشرة
عملتي كدا عشان بتحبي آسر متقوليش عشان عيلة و متتفرقوش ويكرهوه أنا وأنت عارفين عمي عاصم بيحب آسر إزاي وهيسامحه بس أنت فرق معاك إن محدش يشوفه وحش !
حركت عينيها بعدة اتجاهات بعيدا عنه ثم أردفت باقتضاب
محدش بيسامح أنا عملت كدا عشان عرفت طبع كل واحد منكم !
هز رأسه بالإيجاب و أردف ساخرا بخفوت
خاېفة تصارحي نفسك !
عقدت حاجبيها و أردفت بحدة مدافعة عن نفسها بعفوية
معنديش حاجة أصارح نفسي بيها ياسليم خصوصا مع بتاع فريدة بتاعك دا !
نظر إليها پصدمة و سألها بحذر و تردد أثار
فضولها
تعرفي فريدة منين هي رجعت !!
أجابته بدهشة وقد اعتدلت بجلستها تنظر اليه باهتمام بالغ تعمد تجاهله و إكمال محادثتهم دون إثارة حفيظتها
أنت تعرفها !!! ورجعت منين أصلا !
رفع حاجبه الأيسر و أردف بنبرة تحذيرية هو فيه حد ميعرفهاش أتمنى متتعامليش معاها خالص بقا فريدة تبقا أخت أميرة و النسخة الأسوأ منها في كل حاجة حرفيا حتى نورهان الصغيرة مش بتطيقها و شبه متعرفهاش لأنها على طول مختفية وبيقولوا مسافرة !
رفعت حاجبها باستنكار وأردفت بحدة طفيفة
ولما هي أخت أميرة تيجي تسأل على ابنك بعد نص الليل تقعد هنا و يطلع يجري عليها ليه يعني معرفتش تستنى للصبح مثلا و إيه علاقة دخولها بيتكم بآسر !
رفع كتفيه بلا مبالاة و أردف بعبث
لأ دي بقا تسألي فيها جوزك بس هي أكيد عرفت اللي حصل في
أختها وجاية تشوفها !
عقدت حاجبيها و لمست المكر بحديثه و نظراته لذلك رفعت كتفيها بلا مبالاة مماثلة و عادت تستند إلى الحائط مرة أخرى وتقول ببرود
وأنا أساله ليه هو حر في تصرفاته !
هز رأسه بتأكيد و أردف باستفزاز
آه على رأيك هتهتمي بتصرفاته ليه أنت أصلا مش بتحبيه ! جايز الاسم لفت انتباهك عشان جديد مش أكثر إلا لو كنت راقبتيه مثلا وعشان كدا عرفتي إنها قاعدة هنا
عقدت حاجبيها و صمتت لحظات ثم اعتدلت بجسدها مرة أخرى و استدارت تنظر إليه و تقول بامتعاض
ماهو طبيعي لما اسم جديد يلفت انتباهي أشوف دوره إيه يعني في المكان مش مراقبة ولا حاجة !
عقد حاجبيه و هز رأسه بتأكيد قائلا بسخرية
آه أكيد طبعا حتى لو كانت بتسأل عليا أو على يوسف برضه كنت هتراقبينا مش كدا
حدقت به بشرود للحظات تسأل حالها هل كانت لتتبع أمرها و تذهب خلفهم خفية مثلما فعلت منذ ساعات هل تحاول خداع حالها أم تخدع الجالس أمامها و يسخر من تكذيبها لصدق كلماته إن صارحته بحقيقة تشتتها لوجدت ما يدفعها إلى حرب محتمة النهاية و إن كذبت عليه لن تتمكن من الكذب على حالها !!
تنهدت بضيق شديد و نظرت إليه حيث كان بانتظار إنهاء حربها مع حالها و همسها بسخرية لاذعة
مش هتفرق كتير مفيش حاجة هتتغير أنا مش هقبل على أختي تتهان في بيتكم عشاني و عمك عمره ماهيقبل بالجنان دا حتى لو سكت بشكل مؤقت ! وأنا مش هدخل آسر وأبوه في حرب عشاني دا أب في الأول والآخر !
احتدت نظراته حين ذكرت العم المخادع و العقبة الصلدة في طريق ابن عمه و كأنها كلماتها عن الأبوة صڤعته بقوة كيف يخبرها أن هذا الأب ترك ابنته تتربى متجنبا ويلات المعارك لأجلها و كان يتهم شقيقه بالمبالغة كلما حاول البحث عنها و ذكريات عدة تداهمه منذ ليلة أمس والآن المخادع يمارس مهنة الشرف على من أنقذت العائلة و تخشى الإعتراف بمحبتها كنوع من أنواع مواصلة سلسلة التضحيات بالرغم أنها هي الترياق الوحيد لابن عمه في حالة تسرب الحقائق ومعرفة أفعال والده المشينة !!!!
أغمض عينيه محاولا كظم غضبه الشديد و عجزه عن التصرف رغم بشاعة ما يدور حوله و أفاق على استقامتها واقفة تربت على ركبته و تقول بسخرية
عاجبك كدا كنت جاية أخرج طاقتي قعدتني جنبك ! قوم شوف اللي وراك ياسليم المشاكل مش بتتحل بالهروب ولا هتغير حقايق بكلامك فكر كويس قبل كل خطوة بتاخدها !
كادت تتحرك إلى الخارج لكنه استقام مثلها و أوقفها محلها قائلا بامتنان حيث أنها لم تحاول التطرق إلى تفاصيل اسئلته بل أظهرت تفهم واضح خالي من الفضول
متشكر ياسديم !
وزفر أنفاسه
متابعة القراءة