نبع الغرام رحمة سيد
المحتويات
العفوية نبرتها نظراتها كلها أشياء دغدغت عمق احاسيسه المسربل بقفل القسۏة والجمود وذكرته بنفسه القديمة تكالبت عليه المشاعر حتى لم يعد يدري كيف يفسرها كيف يترجمها للقابعة أمامه تستجدي دعمه ووجوده!
أضاف بصوت رجولي خشن
أيوب العماري ما بيسيبش اللي يخصه وأنتي بجيتي تخصيني
السكون كان سيد الموقف لثوان عديدة حاولت غرام فيهم تنظيم شتات نفسها مشاعرها وأفكارها قبل أن تسأله بنفس العفوية المنتشلة من بئر أفكارها
وكأن سؤالها أعاده للحاضر وأسقط فوقه جلد الجمود الزائف ليهز كتفيه ساخرا
زي الناس انسان عادي
راحت توضح له بهدوء
ازاي جادر تجمع ما بين ال
ولكنه قاطعها بكلمات آمرة جافة أقرب للبرود
روحي نامي يا غرام أنتي تعبتي النهارده
لن يسمح لها أن تتخطى أسواره التي بناها لحماية نفسه المضطربة المشوهة نعم الوحدة بالنسبة له ملجأ آمن!
كانت ليلى تقف في بهو البيت والارتياح يغمرها أخيرا بعد أن صار ظافر يتجاهلها نسبيا وكأنه مل شجارها
تحمد الله أنه فعل وإلا ما كانت لتحتمل أكثر طاقتها توشك على النفاذ فعليا تنهدت وهي تعود بذاكرتها لأيام سابقة تحديدا اليوم الذي اعتقد فيه ظافر أنها مجرد ڼصابة كما يقول
كان زوج والدتها يقنعها بالذهاب معه لتعمل مع سمسار عقارات ولكنها أخذت تعرب عن رفضها القطاع لأي شيء يأتي من طرفه
إلتفت هاشم نحو والدتها التي كانت مستكينة تتابع ما يحدث بتوجس وضيق فشجاراتهم كثرت جدا الفترة الأخيرة
ما تجولي لبتك حاچة الشغلانة دي مش هاتيچي مرتين في العمر وعمولاتها حلوة چدا
قالت ليلى من بين أسنانها بغيظ
ما تروح تشتغلها أنت!
واصل مصطنعا قلة الحيلة
صاحب الشغل
عايز واحدة مش واحد ياريت كان ينفع أنا
ما تروحي يا ليلى مش هيچرى حاچة وبعد كدا لو ماحبتيش يابتي جولي مش هعرف أكمل بس روحي الله يرضى عنك واتجي شره مش ناجصين مشاكل
تأففت ليلى بصوت مسموع تكره سلبية والدتها التي تكون ضدها في معظم الأوقات وتضغط عليها فقط لأجل تلاشي المشاكل لم تكن تعلم أنها تدفعها بجهالة لوكر المشاكل!
وقفت ليلى جوار هاشم في انتظار أن ينهي صاحب العمل حديثه مع ظافر ولم يكن الشخص الذي تظنه صاحب العمل سوى محامي صديق لهاشم ومشترك معه في عملية الڼصب تأففت ليلى من جديد بنفاذ صبر ثم خطړ على بالها فكرة ماكرة لتجعل الرفض يأتي من صاحب العمل نفسه
دا شكله مش هيشتري حاچة ما تخلصني بجا من الحوار دا !!
لمحها ظافر بطرف عينيه ولم يعقب على حديثها وأدرك أنها تعي علام يدور الحديث بينه وبين المحامي وتعلم أنه سيشتري شقة و إلى اخره
فيما زجرها هاشم بقسۏة وهو يضغط على ذراعها
وطي صوتك واخرسي لو عايزة تغوري غوري بس لازم تسلمي عليهم الأول أنا مش عايز أخسر الراچل بجلة ذوج وجولي إن امك تعبانة ولازم تمشي
اومأت موافقة على مضض
ماشي يلا
وبالفعل تقدمت منهم ثم ألقت التحية وهي ترسم ابتسامة زائفة قابلها ظافر بأخرى مماثلة ولكنها ليست مصطنعة بل كانت ابتسامة مشرقة تحوي داخلها الكثير والكثير !
ثم هتف بلباقة وعيناه تشملها كلها بنظرة سريعة مخضبة بمشاعر لم تستطع تفسير ماهيتها
أنتي استاذة ليلى
اومأت مؤكدة ولا زال ثغرها يحتفظ بنفس الابتسامة ثم أخبرتهما كما أملاها هاشم
أنا اسفة چدا لازم أمشي عشان أمي تعبت چدا
اومأ كلاهما برأسيهما مع أمنيات خاڤتة بالسلامة وغادرت ليلى بالفعل فاستدار المحامي لظافر قائلا بخبث فرح بنجاح خطتهم
ماتجلجش يا ظافر بيه الأنسة ليلى عاملالي توكيل عشان نجدر نخلص الاچراءات
عادت ليلى من ذكرياتها والاستهجان يعلو ملامحها ليتها لم تذهب ليتها لم تستسلم لسلبية والدتها انتبهت على رنين هاتفها الذي على فرفعته لأذنها مجيبة الاتصال أتى ظافر بعد قليل ورآها وهي تتحدث في هاتفها مع شخص وتبدو أعصابها متشنجة والانفعال يخط أثاره فوق ملامحها
أثارت انتباهه بعدما كان على وشك الخروج من البيت فوقف لبرهة مستسلما لفضوله الذي يقود قدميه ببطء نحوها حتى صار قريبا منها بحيث يسمعها ولا تراه
فوجدها تقول بحروف تضخ غيظ
يعني إيه الكلام دا لأ لازم تبيعيله الشجة بأي طريجة خلينا نخلص بقى
إتسعت حدقتاه بذهول والذكرى السوداء الموصومة بصورتها في عقله تدفعا دفعا لاعتقاد واحد أنها توقع أحدهم في عملية ڼصب جديدة !
انتبه لها حين تابعت متأففة بضيق
خلاص أنا هروح مشوار كدا وهاعدي عليكي ماتجلجيش أنا معايا الفلوس وهنظبط الدنيا
اومأت برأسها وهي تستمع للطرف الآخر ثم تهادت ابتسامة صغيرة لثغرها قبل أن تهمهم
تمام يلا مع السلامة
رفعت أنظارها لتصطدم ب ظافر الواقف أمامها بجمود بينما نظراته ترشقها پغضب اعتادته مؤخرا حتى أنها صارت مقتنعة أنه جزءا لا يتجزء من لوحة
عينيه شديدتي السواد
فتحركت على عجالة مغادرة البيت وهي تحاول نفض بقايا ارتباك سببه تركيزه ونظراته بقي ظافر مكانه لدقيقة تقريبا وعقله يعمل بأفكاره كالطاحونة إلى أن وجد قدميه تتحركا خلفها مباشرة مصرا على كشف كل مخابئها ومكائدها !
مرت ليلى على المستشفى التي كانت تعمل بها قبل أن تعمل لديهم وأحضرت بعض الأشياء بينما ظافر يراقبها من بعيد في سيارته ثم استقلت سيارة اجرة من جديد وهي تتجه لوجه لا يعرفها ولكنها حتما ذاهبة لمن كانت تحادثها على الهاتف
بعد قليل
وصلت ليلى منطقة سكنية عشوائية لا ترتقي للطبقة المتوسطة حتى!
واتجهت نحو احدى البنايات المتهالكة ثم صعدت قاصدة احد المنازل بها انتظرها ظافر ثوان ثم صعد خلفها حريصا ألا تراه سمعها تطرق احد الأبواب فتح لها الباب فشهقت بقلق حين وقعت عيناها على سمية التي كانت مڼهارة في بكاء مرير بملامح شاحبة كالأموات سحبتها ليلى من ذراعيها برفق وهي تهتف مهدئة إياها
اهدي يا سمية يا حبيبتي اهدي ماينفعش اللي أنتي عاملاه في نفسك دا الله يجطعه مطرح ما كان
كانت ليلى منشغلة باڼهيار سمية لدرجة أنها لم تغلق الباب خلفها وربما لم تهتم لذلك كثيرا لأنها تعرف أن البناية بأكملها ليس بها ساكنين سوى في ثلاث منازل
بدأت تربت على كتف سمية بينما الاخرى تردد بما شابه الهذيان
أنا ماعرفش هو عايز مني إيه مش راضي يسيبني في حالي حتى لما جولتله خد الشجة وسيبني في حالي مارضيش! بجي عامل زي اللعڼة في حياتي
كان ظافر بالخارج أمام باب الشقة يستمع لم يقال عاقدا ما بين حاجبيه بعدم فهم وهو يشعر بكل أفكاره تتشابك باضطراب حتى فشل في فصلها ليستطع التوصل للمغزى!
انتبه ل ليلى التي هدرت بنغمة غاضبة لأول مرة ترن اذنيه منها
مش بمزاچه الشجة اللي كان جارفك بيها بحچة إنها كانت بتاعت أبوه وهو أولى بيها هنبيعهاله ومش عايزين من وشه العكر ولا قرش
ضړبت وهي تصيح پقهر
ماهو مارضيش مارضيش يا ليلى وحتى لو رضي أنا هعمل إيه بعد كدا هنام في الشارع
هزت رأسها نافية وهي تردف بحمائية
لا طبعا دا أنا أشيلك فوج راسي أنا معايا فلوس دلوجتي هنأچرلك شجة بأوضة واحدة حتى
عضت على شفتيها وهي تتساءل بصوت مبحوح من كثرة البكاء
طب وبعدين الشهور الچايه هعمل فيها إيه يا ليلى أكيد أنتي مش هتعيشي عمرك كله تصرفي عليا وأنتي أصلا مرتبك يادوب كفاية جوي وجفتك معايا والفلوس اللي بتبعتيهالي كل شهر
أكدت ليلى بقوة دون تردد
وهفضل چمبك لحد ما ربنا يكرمك وتلاجي شغل مناسب أنتي أختي يا سمية مش مچرد واحدة صاحبتي ولو الدنيا ضاجت جوي هتيچي تجعدي معايا أنا وأمي أنتي عارفة هي بتحبك كد إيه
لم تملك سمية سوى أن ټحتضنها بحب حقيقي جارف تشعر بالامتنان لها وللقدر الذي جمعها بها معوضا إياها عن يتم ضاري
سمعت سمية نداء احد جارتها فنهضت وهي تلبي ندائها ثم اضطرت للمغادرة مؤقتا لتراها فاختبأ ظافر مسرعا قبل خروج سمية
لا يصدق ما سمعه وما استوعبه عقله قطرة قطرة من حديثهما هل هذا يعني أن ليلى ليست لصة كما كان يظن
هل يعني أنها ليست مجرد جشعة طامعة بالأموال بما أنها تفضل اخرى على نفسها رغم الضائقة المالية التي تمر بها على حد قول الاخرى فإن كانت تمتلك الأموال من عمليات الڼصب أين هذه الأموال لتساعد صديقتها التي يبدو أنها تحبها جدا !
لم يعد يدري أي شيء ولكن ما يعلمه جيدا أنه لو اتضح
صحة ما وصل لمكامن ادراكه ف ويلا له من عڈاب ضمير وندم لن يتركاه ابدا
أغلقت سمية باب الشقة وهي تترك المفتاح في الباب بحكم العادة حتى تفتح مباشرة حين تعود وبعد دقيقتين تقريبا كان شخصا ما يصعد للشقة لم يره ظافر ولم يدعه يراه بل انتظر حتى وجده يفتح الشقة بالمفتاح فسمع صوت ليلى المرح من الداخل
إيه السرعة دي!
وما أن رأت ليلى الشخص الذي دخل والذي لم يكن سوى زوج والدتها حتى تجمدت مكانها بعدم استيعاب لا تود تصديق عيناها ولكن ما لفظته بقوة خارج بقعة التصديق داخلها وهي تسمع صوته الكريه بابتسامة مقيتة
إيه يا ليلى مالك اټصدمتي كأنك شوفتي عفريت!
كان متلذذا برؤية الصدمة وقلة الحيلة والتوجس يتفجرون بقسماتها رغم أنه هو شخصيا لا يصدق أن حظه أسعفه ولو مرة فجعله يراها صدفة وهو يزور أحد الشخصيات في المستشفى فسار خلفها مسرعا ولكن ما جعله يتأخر عن الصعود هو شجاره مع سائق سيارة الأجرة التي ركبها ليأتي به هنا خلف ليلى
خرج صوتها أخيرا وهي تسأله مستنكرة بعدم تصديق
أنت إيه اللي چابك هنا
رد ببرود لا يصدق
جدرك وجدري اللي چابني هنا فين أمك فين مرتي
فزمجرت فيه بأعصاب اشتعلت بنيران الماضي القريب
عايز مننا إيه عايز تدبسنا في مصايبك تاني مش كفاية اللي عملته!
هز كتفاه بلا مبالاة
عملت إيه ماكنش مشوار دا أخدتك معايا فيه
قالت ليلى من بين أسنانها بغل دفين
مشوار خلاني بجيت ڼصابة من غير ما أعرف
لوى شفتاه ساخرا
القانون لا يحمي المغفلين يا بت مرتي
صاحت فيه باهتياج لم تجد القدرة على كبحه
اطلع برا برا جبل ما أصوت وألم
متابعة القراءة