نبع الغرام رحمة سيد

موقع أيام نيوز

لم تعلنها 
بعد قليل 
دخل المتجر الصغير الذي يمتلكه والده دون استئذان كعادته بعدما قرر استباحة كل ما هو له 
فنهض كامل من كرسيه فور رؤيته له وهتف ساخرا
إيه أيوب چاي لغاية عندي 
وقطع كلماته بعدما رأى غرام التي ظهرت خلف ظهر أيوب فقال ضابطا نبرته على انفعال مصطنع لا تمتلكه أعصابه حاليا
مين جاب البت دي هنا يا مچرمة الشرطة هتجيبك فاكرة نفسك هتهربي يا جادرة 
زمجر فيه أيوب بشراسة
بس ولا كلمة 
ردد كامل مستنكرا بغيظ
أنت بتزعجلي يا أيوب
استطرد بخشونة صارمة
لما تتعدى على مرت أيوب العماري يبجى لازم تسكت 
بهتت ملامح كامل بذهول وإتسعت عيناه دون استيعاب وهو يسأله 
إيه بتجول إيه مرت مين مرت أبني أنا! دي مچرمة و جتلت مرتي 
هنا هزت غرام رأسها نافية بسرعة
ماحصلش 
أردف أيوب وهو يرمق والده بنظرة مزدردة متوعدة
بس يا غرام سيبه يجول ويتكلم ويغلط 
رفع كامل كلا حاجبيه باحتجاج
أنت مصدج البت دي!
هدر فيه باهتياج وعينين ناريتين بالڠضب
جولتلك دي مرت أيوب العماري يعني لسانك مايطولش وأنت بتتكلم عنها 
تابع من بين أسنانه
وأنت چايبها هنا ليه
عشان تعرف مجامك وجبل ما تتكلم ولا تهلفط بأي كلمة ضدها جدام البوليس او حتى بينك وبين نفسك تفتكر إنها بجت تخصني وتعمل لدا ألف حساب 
لوى شفتاه مستنكرا رغم التخبط الذي أصاب دواخله من صدمة ثم قلق وتوجس
وأنا هخاف منك إياك!
توهج الظلام الموحش في عينيه وتربضت القسۏة الدفينة فيهما وهو يخطره بهسيس شيطاني راعد
لازم تخاف مني فعلا عشان لو فكرت تجيب اسم غرام في أي حاچة هوديك ورا الشمس 
تشدق بصوت أجش متشبثا بكبرياؤه الذي يأبى الاستسلام لسطوة ابنه حتى لو تعاظمت
ماتجدرش لو كنت أنت مفكر نفسك فرعون فأنا أبو الفرعون دا 
هز أيوب رأسه مؤكدا والمرارة خانته وتسربت لتنضح من حروفه التي لم تتخلى عن قشرة القسۏة
فعلا أنت اللي اتسببت إني أكون فرعون
بس چرب حظك وشوف هجدر ولا لا ولو كنت أنت هتجيب شاهد أنا هجيب عشرة يجولوا إننا كنا بنكتب الكتاب وجت ما حصل اللي حصل وفي الاخر مفيش حد هيكون مشتبه فيه غيرك يا چوزها 
قال كلمته الأخيرة بابتسامة خبيثة ملتوية شامتة خاصة حين ترآى له شحوب وجه كامل فسحب غرام من معصمها برفق وغادر بنفس راضية يحاوطها ضباب الحقد من كل جانب 
فيما شعرت غرام لأول مرة أنها مطمئنة ولو بنسبة ضئيلة أن لها سندا يحميها من كافة الشرور رغم أن قسوته تخيفها وقلبها ينبئها أنها حتما لن تنجو من هذه القسۏة وستذوقها يوما ولكنها قررت ترك الارتياح يحبو لضفاف قلبها ولو مؤقتا !
فيما ضړب كامل على المنضدة وهو يهدر پجنون
مش هتعملها يا أيوب مش هتجدر تخلص مني هعمل أي حاچة ومش هسيبك تنفذ اللي في دماغك 
حين كانت ليلى مع والدتها في طريقهم للعودة لمنزلهم القديم في البلدة الاخرى التي كانوا يعيشون فيها مع زوج والدتها قبل أن تقررا الهرب بعد أن ضيق زوجها عليهم البلدة وجعلها دربا من الچحيم 
إتصلت والدتها بأحدى جيرانهم المقربين جدا بل تعتبر بمثابة أخت لها لتخبرها بقدومهما ومكوثهما المؤقت عندها حتى تستطيعا تدبير أنفسهما 
ولكن بمجرد أن أخبرتها بنيتهما في القدوم حتى زمجرت فيها الاخرى محذرة
إياكم تيچوا الناس اللي چوزك ڼصب عليهم مش ساكتين ولا هو ساكت ولو چيتوا مش بعيد يرمي كل البلاوي دي على دماغكم تاني زي ما عمل مع ليلى جبل كدا 
ضاقت أنفاسها والخۏف يعود ليطرق بمطرقته الضارية أبواب صدرها ثم سألته بصوت يكاد يسمع
إيه معجول لسه
فأكدت الاخرى دون تردد
ايوه والله انتوا ربنا نچاكم إنكم بعدتوا عن ابن الحړام دا ولو چيتوا هتندموا ومش هيچيلكم غير ۏجع الجلب 
غمغمت بتحسر وقلة حيلة
ماشي تسلمي يا ام فدوى 
استفسرت بقلق
حصل معاكم حاچة عندكم ولا إيه
هزت رأسها نافية وكأنها تراها
لأ ماتجلجيش مشكلة صغيرة كدا وفكرنا نرچع بس الظاهر مكتوب علينا نكمل حياتنا هنا 
مطت الاخرى شفتيها والشفقة تستحوذ على خلاياها ثم تمتمت بخفوت معبق بالشجن على حالهما
ربنا ييسرهالكم ويرزجكم الرضا والراحة دايما 
هزت رأسها مرددة خلفها
امين يارب تسلمي يا حبيبتي ماتحرمش منك ابدا 
ولا منك يارب 
مع السلامة  
قالتها ثم أغلقت الخط لتنظر نحو ليلى التي اكفهرت ملامحها وتجلى الاڼهيار فيها وحسب ما فهمت من حديث والدتها كل الطرق تؤدي بها ل ظافر العبادي !
وصلت بعد فترة للمستشفى التي بدأت عملها بها في البداية قبل أن يطلب سالم العبادي ممرضة والتي صارت هي بعد أن وقع الاختيار عليها من الطبيب المشرف المسؤول  
تود وضع حدا لباب الخۏف الذي فتحه ظافر العبادي على حياتها إن اضطرت ستعود للعمل في المستشفى من جديد وتبتعد بكل الطرق الممكنة عن طريق ظافر إن تركها تفعل!
بحثت عن ذلك الطبيب في كل حدب وصوب حتى وجدته أخيرا فأوقفته بلهفة قائلة
دكتور عايزة أتكلم مع حضرتك في حاچة لو فاضي خمس دجايج 
عقد ما بين حاجبيه متعجبا من وجودها
إيه في يا ليلى حصل حاچة ولا إيه
أخبرته حاسمة أمرها
أنا مش عايزة أكمل شغل عند سالم العبادي 
سأل مستغربا
ليه إيه اللي حصل
تفوهت كاذبة بشيء من التوتر
ماحصلش أنا مش مرتاحة 
بدأت بوادر الڠضب تمتزج بكلماته وهو يوبخها
بعد شهرين چايه تقولي مش مرتاحة هو لعب عيال ولا إيه!
ممكن حضرتك تشوف أي ممرضة تانية بديلة ليا 
ولكن تعنته وإصراره كان غريب وهو يقول
وهو أنتي شايفة إن في ممرضات كتير وبعدين مفيش حد شاطر زيك يا ليلى 
هزت رأسها بابتسامة صفراء
ربنا يخليك بس أنا مش
حابه أرجع تاني 
عاد يسألها من جديد بصبر قارب على النفاذ
حصل حاچة هناك او حد ضايجك
فأصرت هي الاخرى على موقفها
لا بس أنا مش عايزة أشتغل هناك مش هجدر 
وقبل أن يجيبها كان رنين هاتفه يصدح فأخرجه من جيب بنطاله وأجاب ليأتيه صوت سيدة يعرفها جيدا على الطرف الاخر تقول مباشرة ودون مقدمات
ظافر زمانه چاي عندكم المستشفى يجلب الدنيا ويرچع ليلى الممرضة لازم تستغل دا وترچعها تاني بأي طريقة مش هنبوظ كل اللي خططنا له ونبدأ من الصفر مع ممرضة چديدة!
هز رأسه موافقا بتأكيد كأنها تراه وبإجابة مختصرة
ماشي ماتجلجيش 
ثم أغلق الخط وبالفعل ما هي إلا لحظات حتى وجدا ظافر يدخل من رواق المستشفى بملامح متجهمة مشټعلة تطوفها شياطين الڠضب ما أن رأى ليلى حتى سحبها لخارج المستشفى معه من يدها دون أن ينبس ببنت شفة بينما ليلى تحاول التملص من قبضته معترضة بتذمر يشوبه القلق
أنت واخدني على فين 
لكنه أيضا لم يجيبها بل أدخلها عنوة لسيارته وأغلق الباب ثم ركب هو الآخر وإنطلق بالسيارة 
الفصل الثالث الجزء الثاني 
وصلت غرام مع أيوب لمنزلها الصغير الشبه متهالك لتلملم ما يخصها قبل أن تغادر معه لمنزله رغم أنه أبدى رفض غير منطوق لرغبتها في القدوم واحضار اشيائها من المنزل ولكن اللا مبالاة جعلت ذلك الرفض يضمحل فوافق على مضض 
اتجهت للغرفة الوحيدة بالمنزل ألا وهي غرفتها وبدأت بالفعل تعد اشيائها بينما كان أيوب يتفحص ذلك المنزل بهدوء تام قبل أن يغادر تاركا لها المساحة والوقت لجمع ما تريد صوت خبيث صدح داخلها يخبرها أنه حتما متفاجئ ونافر من مستواها الاجتماعي المتدني مقارنة بمستواه 
ونادم أيضا على هذا الزواج ممن هي أقل منه في كل شيء!
ولكنها حاولت تجاهله بكل ما تملك من قوة وبعد فترة سمعت صوت طرقات على الباب فعلمت أنه عاد فتحت له الباب دون قول شيء وهو الاخر لم يتنازل لقطع ذلك الصمت وكأنهما في عقد الزواج تعاهدا على الصمت!
أنهت جمع أهم ما ستحتاجه خرجت من الغرفة تحمل بين ذراعيها ماكينة الخياطة الخاصة بها فارتفع حاجبا أيوب تلقائيا ولم يتردد في قوله المستنكر
إيه دا 
وكأنها كانت قد جهزت الرد بشجاعة فلم يتأخر ثانية
دي المكنة بتاعتي 
هز رأسه وهو يهتف ساخرا
ما أنا شايف إنها المكنة بتاعتك چيباها معاكي دلوجتي ليه
أجابت ببديهية
عشان هاخدها معايا 
اشتد قرع استنكاره في نغمة صوته وهو يردف
هتاخديها معاكي ليه مين جالك تچيبيها أصلا !
ضمتها لها كأنما تستمد منها القوة والثبات وهي تخبره بكلمات حاولت تغطيتها بثوب القوة المرقع الذي تمتلكه
دي شغلي ومصدر رزجي  
وتعمدت اخباره أنها لن تعتمد عليه وتكون عالة مهما بلغ الفارق بينهما 
قال بصوت أجش جاف
كان شغلك وكان مصدر رزجك حياتك الاول كوم وحياتك دلوجتي كوم تاني خالص انتي بجيتي مرت أيوب العماري ف لازم تبجي شبهي 
أحست أنه ينتقص منها يخبرها بطريقة غير مباشرة ألا تكن مصدر للعار له ! 
غار قلبها بۏجع ساحق نفذ من بين ضلوعها لېنزف في حروفها وهي تتشدق
مين اللي جال إنه لازم ماتنساش ظروف چوازنا لولا اللي حصل كنت أنت هتفضل في دنيتك وأنا هفضل في دنيتي 
زحفت أشباح الڠضب لتظلل سوداوتيه وهو يقترب منها خطوتين ليصبح قريبا منها على بعد إنشات قليلة مد يديه ضاغطا على يديه اللتان تحملان الماكينة حتى تأوهت پألم طفيف لم يأبه به وهو يستطرد بخشونة صلدة
أنا اللي جولت مش هتاخديها وطالما أنا جولت كدا يبجى دا اللي هايحصل لو متمسكة بحياتك كدا ماكنتيش چيتي ليا
ولا ډخلتي حياتي بإرادتك طالما وافجتي وبجيتي مرتي يبجى هتمشي زي ما أنا أحدد!
ثم خفف قبضته الفظة عليها لترفع عيناها اللامعتان الدامعتان المجروحتان بكلماته القاسېة كالمبرد وباحت عيناها بسؤال لم يبح به لسانها لم يتخذ القسۏة منهجا في تعامله معها او في تعامله بشكل عام !
ولكنه تجاهله عن عمد وهو ينتشل منها الماكينة بحركة غليظة كسابقتها ثم وضعها على كرسي كان موجود وأمسك بحقيبتها في يد واليد الاخرى كانت تسحبها من معصمها خلفه دون أن يضيف أكثر ودون أن تملك هي حق الاعتراض 
في سيارة ظافر العبادي 
كانت ليلى تتخبط كالقط المذعور تنظر يمينا ويسارا علها تستطع تخمين وجهته وتردد بلا توقف بهلع
وجف العربية نزلني أنت واخدني على فين
ولكنه اعتكف داخل صومعة الصمت فلم يجيب على أيا من اسئلتها الفزعة وكأنه يستمتع بغزو الهلع لملامحها الانثوية الخبيثة!
ظلت ټضرب على زجاج السيارة پعنف وهي تصيح
إلحجوني إلحجوني 
ثم نظرت نحوه مرة اخرى صاړخة بأعصاب منفلتة
بجولك وجف العربية ونزلني 
لم يهتز له جفن بصړاخها الأهوج وفي لحظة تهور بحتة كانت تنحني نحوه وتحرك مقود السيارة بحركات عشوائية خرقاء جعلت السيارة تتحرك يمينا ويسارا ولحسن الحظن لم تكن هنالك سيارة تسير جوارهما مباشرة وإلا لكانت النتيجة مريعة!
أوقف ظافر السيارة بصعوبة مسيطرا على يديها اللتين أصرتا على جعله يفقد زمام السيطرة على السيارة كبل
تم نسخ الرابط