نبع الغرام رحمة سيد
خطها الحزن بأثاره الضارية و التي ترى لأول مرة فيها صورة مشوهة لطفل وحيد ضعيف مسكين
دون شعور كانت يدها تداعب خصلات شعره الفحمية الطويلة مستسلمة لوضعه هكذا
بينما هو في عالم آخر كان يحلم بوالدته والدته التي أضناه الشوق لها حتى نحره من الوريد للوريد اختلط الحلم بالواقع فاحتضن غرام دون وعي متلمسا منها دفء والدته الحبيبة والدته التي كانت تقف أمامه في الحلم صامتة مبتسمة ثم نظرت في اتجاه ما وهي تشير له نحوه تحرك بصره في ذلك الاتجاه ليجد غرام تقف هناك بابتسامة توازي في حنانها حنان والدته ثم اختفت والدته
اسم الله عليك اعوذ بالله من الشيطان الرچيم مالك!
بدأ يستكين شيئا فشيء ويعود لهمهمته وأنينه المتقطع ومر الوقت هكذا حتى شروق شمس اليوم التالي
فتح أيوب عيناه ببطء ولا زال جسده يؤلمه وقعت عيناه على غرام التي كانت مستندة برأسها على الفراش جواره وتغط في النوم العميق أجفلت ملامحه صدمة من تواجدها ها هي تعود من جديد لتسير بخطى بطيئة نحو احدى صور ماضيه السوداء المشوهة وتلونها بطريقتها الخاصة مانحة قلبه القاحل مشاعر دافئة افتقدها طويلا
همهم
باسمها بصوت خشن خاڤت وكأنه يتذوق الاسم وليس ينطقه فقط
غرام
ثم أضاف حائرا بتنهيدة عميقة حملت في طياتها الكثير والكثير متذكرا ذلك الحلم الغريب بوجودها ووالدته في آن واحد
تململت غرام في نومتها فابتعد عنها على الفور فتحت عيناها ببطء لتراه مستيقظا اعتدلت وهي تتنحنح بحرج قبل أن تسأله
إيه عامل دلوجتي
أجاب باقتضاب
الحمدلله
فقط لم ينطق بحرف آخر مدت يدها دون تفكير تتلمس جبينه لترى درجة حرارته وهي تتشدق مفكرة
لسه سخن
ولكنه أبعد رأسه على الفور بتلقائية جافة عن مرمى يدها فأعادت يدها جوارها بحرج شديد جعله يقول بتبرير لم يكن من شيمه وكأنه يحاول تخفيف ثقل الحرج عنها
فهزت رأسها على مضض قبل أن تنهض مغادرة الغرفة دون اضافة المزيد هذا الجلف لم يكلف نفسه حتى بنطق كلمة شكر واحدة ! تبا له ولمن يشفق عليه
مرت أيام اخرى قليلة
اشتد المړض ب سالم مؤخرا رغم أن ليلى لم تبخل عليه بأي اهتمام قط تحديدا في هذا اليوم تزايد الوهن والتعب وكانت ليلى مرتعدة تحاول مساعدته بشتى الطرق وتقف جوارها راوية وهي تعض على أصابعها مرددة بقلق زائف
هزت ليلى رأسها بقلة حيلة وهي تجيب بصوت مكتوم مخټنق
مش عارفة أنا هتصل بالدكتور دلوجتي
أخبرتها بنبرة تقطر شجن أجادت اصطناعه
وأنا اتصلت بعمك كمال وجولتله وهيچي هو وظافر على طول
فيما اومأت ليلى برأسها عدة مرات بتوتر مهلك قبل أن تمسك هاتفها لتتصل بالطبيب أجابها الآخر فانشغلت بالحديث معه وبدأت تتحرك في الغرفة بشرود وهي تتحدث
تنهدت وهي تهز كتفيها معا هامسة بصوت خفيض وأنظارها مسلطة على ليلى
معلش بجا يا ليلى حظك وجعك في طريجنا ومفيش حد غيرك يشيل الليلة لو ظافر عرف إن في حد عايز يخلص من چده
ثم مطت شفتيها وهي تواصل محدقة ب سالم المستلقي
أسفة يا عمي بس أنت ظلمت چوزي وظلمتني كتير عشان حفيدك وربنا مابيرضاش بالظلم وماكنش ينفع أسكت أكتر من كدا
كانت غرام في المنزل بمفردها توضب بعض الأشياء به لتقتل الملل الذي صار جزءا لا يتجزء من حياتها و أيوب كان في عمله كالمعتاد لم يجد جديد في حياتهما سويا سوى أن سنون قسوته بردت حدتها قليلا ربما هكذا يعبر عن امتنانه لا تدري ولا يهم ما يهم أن تعيش مرتاحة البال
ولكن يبدو أن أمنيتها ستظل معلقة حيث سمعت صوت طرقات على الباب فنهضت مرددة
حاضر ثواني چايه
نظرت من العين السحرية ولكن لم تجد أحد فعقدت ما بين حاجبيها بتعجب ثم فتحت الباب بقليل من التردد وهي تسأل
مين
وبحركة مباغتة كانت يد تكمم فاهها پعنف قاټلة صړختها في جوفها ويدفعها نحو الداخل و
الفصل الثامن
أجفلت ملامح غرام بهلع وهي تحاول استيعاب أن الذي يقف أمامها الآن هو مارد كوابيس واقعها كامل !
هزت رأسها عدة مرات محاولة تحرير فمها من قبضته فزمجر فيها محذرا بقوة
إياكي يطلع صوتك هتكون أخر مرة يطلع
لا زالت تحاول التملص منه بفزع حقيقي تضاعف بسبب كلماته فتابع بنفس النبرة الشرسة
اتهدي أنا چاي أجولك كلمتين وهامشي
أجبرت خلاياها المذعورة على التقوقع في قوقعة السکينة المؤقتة عله ينتهي ويغادر دون اضرار فهز رأسه بابتسامة خبيثة راضيا
ايوه كدا شاطرة خليكي عاجلة عشان ماحدش هيندم غيرك
ثم حرر فمها بالفعل فسألته بصوت محتقن
إيه عايز إيه اللي چابك هنا
أردف ساخرا
چاي أسلم على مرت ولدي مش أنتي مرت ولدي ولا أنا غلطان
للأسف كلمة كادت تنفذ من أعماقها الماقتة المړتعبة ولكنها حجبتها مستبدلة إياها بنظرة صامتة ساخطة رشقت به كالسهم
اسمعيني كويس لو عايزة الموضوع يتجفل خالص هتعملي اللي هجولك عليه
سألته بتوجس
اللي هو إيه
واصل ببجاحة لا تصدق جعلتها تتصنم أمامه وكأنه ذو رأسين
عايز خمس آلاف چنية
رمشت عدة مرات بأهدابها الطويلة تحاول استيعاب طلبه لا ليس طلب بل أمر وكأنه يملك عليها سلطان!
ثم ردت أخيرا وهي تلوي شفتاها بسخرية متخمة بالذهول
وأنا هچيبهم لك منين دول مش معايا طبعا
هز كتفاه معا بلا مبالاة
اتصرفي مش مشكلتي
هدرت فيه بعدما تأججت أعصابها بالڠضب
حرام عليك أتصرف إيه هو أنا جاعدة على بنك
ابتسم بتهكم مقيت
لا أنتي متچوزة بنك بس الظاهر إنك مش واخدة بالك أو عاملة نفسك مش واخدة بالك
زمجرت فيه بنظرات تقطر ازدراءا
أنت طماع وأنا مستحيل أعمل كدا
ولكنه أكد بنبرة ثلجية مخيفة في وجهها الآخر الذي يحمل ټهديد صريح
لأ هتعملي كدا وإلا ماتلوميش إلا نفسك لما أخلي البت اللي شافتك يوميها تروح تجول للظابط كل حاچة
رغم أن كل ما بداخلها تبعثر حرفيا حتى صار كالفوضى بعد الحړب الممېتة إلا أنها حشرت الثبات حشرا بصعوبة بين أرجاء ثناياها المبعثرة
بت مين! أنا ماكنتش هناك أصلا ومفيش حد شافني
أضاف بثقة هزت هيكل ثباتها الواهن
كدابة في واحدة شافتك حتى اسمعي كدا
صمت وهو يخرج هاتفه ثم قام بتشغيل تسجيل عليه سمعت صوت امرأة وهي تقول أنها رأت غرام في ذلك اليوم
كل حرف كانت تسمعه من ذلك التسجيل كان بمثابة وحش يخلق متغذيا على مخاوفها متربضا داخلها في عمق تخيلاتها المرعبة
إلى أن انتهى فنظر كامل نحوها بابتسامة متسلية
إيه رأيك
لم تشعر يوما بمثل هذا الكره تجاه أحدهم ولكن اختزل في نفسه كل ما عرفت عن الكره حرفيا
قالت من بين أسنانها بغل دفين
أنا فعلا ماعيش فلوس ومش هعرف أتصرفلك وأيوب مش ساذج عشان يديني المبلغ دا عادي كدا من غير أي استفسارات
استطرد بسماجة لم ترها في آخر ابدا
دا أنتي وشطارتك وبعدين مين جال إنك لازم تاخدي منه المبلغ دا مرة واحدة معاكي أسبوعين شوفتي أنا كريم كد إيه
يلا سلام أنتي أخدتي من وجتي كتير
قالها وهو يستدير ليغادر وقبل أن يخرج بالفعل إلتفت لها من جديد مشهرا ټهديد الحاد كشفرة
واوعي تفكري تجولي لأيوب چايز يئذيني في شغلي وحياتي اه وأنا كدا كدا مش في أفضل أحوالي لكن الأكيد إني هأذيكي برضو وهخلي البت تبلغ أنا ماعنديش حاچة أخاف عليها
ثم غادر بالفعل تاركا إياها تتهاوى كورقة شجر مهشمة ضړبتها رياح عاتية فأسقطتها دون مجهود يذكر
تم نقل سالم للمستشفى على الفور بعد وقت عصيب مر به الكل وليس هو فقط فقد كانت ليلى تذبل فعليا من الألم الداخلي لضميرها الذي ينخرها مؤنبا إياها أنها قصرت
حتما في شيء يخصه مما أدى إلى تدهور حالته هكذا فهي لم تكن تعتبر الجد مجرد مريض ترعاه بل أحسته جزءا من عائلتها
خرجت من دورة المياه في المستشفى وهي تجفف وجهها الأسمر الشاحب نوعا ما وقد طمأنهم الطبيب على حالة سالم مع التشديد أنه سيظل في المستشفى ليومين كإجراء روتيني حتى يطمئنوا على صحته
اتجهت نحو الكافتريا أسفل المستشفى فوجدت ظافر هناك اقتربت منه بتردد تخشى أن يخدشها بقسۏة هجومه كالعادة متهما إياها بالتقصير لمحها ظافر فأشار لها بالاقتراب قائلا بهدوء
تعالي يا ليلى
جلست أمامه على المنضدة ترمقه بنظرات حذرة وكأنها تحاول التكهن بموعد انفجاره الضاري بوجهها وتفرك يديها معا بتوتر نجح ظافر في قراءته بسهولة فسألها بصوت أجش
مالك يا ليلى
ردت محاولة إخفاء التوتر الذي يحوم ملامحها
مليش
سألها بشك
متأكدة
اندفعت بالقول مدافعة عن نفسها أمام هجوم توقعه عقلها
أنا ما أهملتش چدي سالم
أكد دون تردد
أنا عارف
عارف
سألت دون تصديق بعينين ضيقتين فراح يتفوه بنبرته الرجولية الرخيمة
ايوه أنا لو شاكك إنك السبب ولو 1٪ ماكنتش سكت إلا چدي دا أغلى ما عندي
بقدر ما طمأنها كلامه بقدر ما أثار قلقها وهي تدرك أنها تتعامل مع لوح زجاجي غير قابل للخدش فإن خدشته ولو دون قصد ستكون في مواجهة اعصار قاټل يسمى ظافر العبادي
غيرت وجهة الحديث قائلة بجدية
هو أنت اتكلمت مع الدكتور
أجاب بهدوء
ايوه وجال هيعمله تحاليل وفحوصات ويشوفوا
لم تستطع منع نفسها من إخراج ذلك السؤال العالق بجوفها
هو شاكك في حاچة
صمت برهة قبل أن يصارحها متنهدا
ايوه تجريبا
لم تصدم ليلى كثيرا فهي قد توقعت ذلك فيما استمعت راوية إلى حديثهم القصير فأصاب ذلك قلبها بوخزات مهلكة من الخۏف لا يجب أن يكتشف أي شخص أنها من فعلت ذلك يجب أن تكون ليلى الوحيدة القابعة أسفل ركام الشك إن غاص به ظافر
بينما تشدق ظافر متسائلا بخفوت دافئ يخصها به وحدها
أطلبك جهوة تشربيها تفوجك شوية
لا تدري ما الذي دهاها لتنفي بنبرة ناعمة شقية تطوف لسطح كلماتها مع ظافر لأول مرة
لا أنا مش ناجصة أصل صاحب الشغل مابيحبنيش أعمل حاچة تاني غير الشغل في وجت الشغل
فسايرها ظافر في شقاوتها التي أعجبته كثيرا متصنعا الصدمة والاستنكار
مين الراچل المفتري دا
استرسلت بذات
النبرة المشاكسة
واحد كدا ابن حلال أول حرف من أسمه ظافر
فقال نافيا بخشونة خاڤتة وعيناه تغوص في عينيها الشهية كالشيكولاتة الذائبة
لا مالهوش حج يرخم عليكي كدا يا شيكولاته
فعقبت بعفوية
شيكولاته
قال بصوته الخشن المحموم بعاطفة قوية
اه شيكولاته جميلة مغرية
تضرجت وجنتاها السمراوتين بحمرة خفيفة وهي تنهره بحزم خرج ناعم رغما عنها
مايصحش أحنا جدام الناس يا أستاذ ظافر
عقد ما بين حاجبيه باستهجان
إيه أستاذ ظافر دي ما كنا كويسين!
عادت لشقاوتها اللذيذة من جديد وهي تستطرد ببراءة
هو أنا ماجولتلكش ماهو صاحب الشغل برضو بيحبني أجوله كدا أصله حازم أوي
قال بعفوية ساخرا
حازم دا يبجى چوز خالتك
ضحكت بخفة ولم تنطق فأضاف رافعا حاجبه الأيسر بمكر
وبعدين هو أي حاچة يجولها صاحب الشغل بتنفذيها على طول
اومأت مؤكدة
طبعا أنا موظفة مطيعة چدا
فسألها من جديد مشددا على حروفه
متأكدة
اومأت برأسها بلا تردد
طبعا
فسحبها فجأة من يدها ليجعلها تنهض معه متجه بها نحو مكان لا تعرفه فسألته بتوجس بينما تسير خلفه مسرعة وهو يسحبها
رايح فين
وصلا إلى مكان هادئ خال من البشر تقريبا فأوقفها أمام الحائط ثم هتف بنبرة مشټعلة
وصاحب الشغل بيجولك حبيني
أصابت كلمته أعماقها الانثوية فجعلتها مرتبكة في حالة هرج ومرج لتغمغم بتلعثم
أنت آآ
سألها وهو يقترب منها أكثر مستمتعا بتأثيره عليها كرجل
أنا إيه
حاولت إبعاد ذراعيه وهي تردد
دون أن تنظر لعينيه العميقتين المتوهجتين التي تربكها أكثر
أنا هروح أشوف چدي سالم
ولكنها لم يسمح لها إذ اقترب منها أكثر مرددا بلهجة ذائبة متقدة
چدك سالم مش محتاچك دلوجتي حفيده هو اللي محتاچك
همهمت بإسمه بنبرة أرادتها رادعة ووجنتيها تشتعلان بالخجل أكثر
ظافر
غمغم بحروف ملبدة بالعاطفة
يا عيونه
أردفت بصوت مبحوح يكاد يسمع
أنت بتكسفني كدا بچد
حاضر
رددها متنهدا قبل أن يتركها على مضض لتتنفس الصعداء متسعة الحدقتين ببراءة لذيذة لا تصدق هذا الانفجار العاطفي
انتبهت له بعد دقيقة تقريبا وهو يكمل مغيرا مجرى الحوار
أنتي ليه مش عايزة تتچوزي الفترة دي
ابتلعت ريقها تشعر هذا السؤال كالفخ ثم هزت كتفيها بلا مبالاة مجيبة
مستنية الوجت المناسب وأنت
لم يتردد وهو يخبرها بنبرة صبيانية
مستني الوجت المناسب بتاعك
فرددت ببلاهة
إيه
إيه
ثم دون مقدمات اڼفجرا كلاهما في الضحك عاليا لأول مرة تخبو الحواجز بينهما لتترك قلبيهما يسبحا بحرية في بحر العشق ولكنهما لم يكونا يعلمان أن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن!
بعد فترة
بعد تفكير طويل عميق ظلت غرام تبحث عن عمل على الانترنت على الهاتف الذي اشتراه لها أيوب مؤخرا ليتواصل معها حين يكون بالخارج ووجدت أخيرا عمل مناسب لن تقوم به على أرض الواقع وإنما سيكون عبر الانترنت فقط فهذا العمل عبارة عن ارتداءها ملابس ثم تقوم بتصوير نفسها بها دون أن تظهر وجهها كعارضة ازياء وهكذا ستجني المال وتعطه لذلك اللعېن كامل دون أن تضطر لطلبها من أيوب الذي لن يعطها بسهولة بالطبع بالإضافة إلى أنها لا تضمن ألا ينفذ كامل تهديده صحيح أنها تشك أنه ربما يتلاعب بها لأجل الأموال ولكن إن هناك احتمال واحد بالمئة أن يصدق في تنفيذ تهديده فهي لن تخاطر بنفسها
وبالفعل اتفقت مع الشخص الذي تحدث معها عبر الانترنت صاحب العمل على أن تقابله في مكان بعيد نوعا ما عن منطقة سكنهم لأنه لا يجوز بالطبع أن يأتي لها عامل التوصيل حتى المنزل بالملابس التي ستقوم بتصويرها
وطبعا هذا كله دون علم أيوب عادت من مقابلة عامل التوصيل بعد أن أخذت منه الملابس وتنهدت في ارتياح بصوت مسموع فهي الدقائق السابقة كانت تعيش في ړعب أن يراها أيوب مثلا او يتصل بها وهي بالخارج فيكتشف أنها خرجت دون اذنه
ارتدت جلباب نبيتي اللون ضيق نوعا ما ولكنه طويل و ذو أكمام تأففت وهي تعض على شفتيها بتردد مفكرة على أي حال لن يظهر وجهها في الصور كما أنه ضيق قليلا فقط وليس عاري
بدأت تلتقط الصور لنفسها بالفعل أمام المرآة في صالة المنزل ولكن ما لم تحسب حسابه أن يعود أيوب مبكرا من عمله فسمعت المفتاح يتحرك في الباب وما هي إلا ثوان معدودة حتى وجدت أيوب أمامها لتلقي الهاتف من يدها سريعا على الأريكة
تقدم أيوب منها متفاجئا من وقوفها أمام المرآة والتوتر المرفوعة راياته فوق حنايا وجهها ثم هيئتها هيئتها كانت خاطفة للأنفاس تترك خصلاتها السوداء محررة لتعطي ملامحها البيضاء الناعمة حلاوة براقة مهلكة وهو رجل! وليس قديس حتى لا يتأثر بزوجته نعم هذه المهلكة الفاتنة هي له زوجته
حينها تقدم منها بخطى واثقة تنافي اضطراب أنفاسه حتى صار أمامها مباشرة ليسألها دون مقدمات بلهجته الأجشة
إيه كنتي بتعملي
هزت كتفيها معا بلا مبالاة كاذبة
مش بعمل حاچة
عقد ما بين حاجبيه بتعجب يشوبه لمحة من الشك
امال واجفة جدام المرايه ليه وچبتي الچلابية دي امتى
كاد الارتباك يفتك بها تماما ڤاضحا إياها ولكنها تمالكت نفسها على أخر لحظة لتقول بعفوية زائفة وهي تلف في حركة دائرية تريه
الجلباب
دي واحدة صاحبتي چات وچابتهالي لما عرفت إني اتچوزت إيه رأيك حلوة
أرادت أن تلهيه عن التدقيق في كذباتها حتى لا يكشفها ولكنها لم تلحظ اهتياج العاطفة في عمق سوداوتيه المظلمتين اقترب منها أكثر ثم صدح صوته متحشرج خشن دون تفكير
چميلة
لأول مرة يثني عليها او على شيء يخصها !
ولكنها لم تعقب بل تساءلت بهدوء
چيت بدري يعني النهارده
مش عايزاني أچي
ابتلعت ريقها وهي تهز كتفيها معا مجيبة وهي تبعد أنظارها عن عنيه التي بدت لها في تلك اللحظات داكنة أكثر وغريبة!
لأ طبعا دا بيتك وأنت حر يعني
سألها بمكر بينما عيناه تتفحص ذلك الجلباب الذي تناسب تماما مع بشرتها البيضاء الجميلة وامتزج معها بطريقة رائعة وكأنه صنع لها فقط
وهي چابتهولك ليه
تشدقت بنبرة عادية
عادي بما إني عروسة يعني وكدا
استفسر وعيناه تلمعان بخبث
عشان تلبسيها ليا يعني
ألجمها سؤال الذي يحمل معان عدة لم تدرك أ هو اتهام بمحاولتها اغراؤه مثلا ام شيء آخر !
فتنحنحت وهي تجلي صوتها بعد لحظات من الصمت
مش شرط يعني ممكن ألبسها آآ
قاطعها بنبرة تملكية شرسة
اوعي خيالك يصورلك إنك ممكن تلبسيها جدام حد غريب
تعالت نبضاتها في هلع داخلي وصوت خبيث داخلها يتساءل ماذا سيفعل اذن إن علم أن الكثير من الناس سيشاهدون هذا الجلباب عليها ولكن لن يعلموا من هي ولن يروا وجهها بررت لنفسها محاولة تهدئة روعها
ثم اومأت له برأسها مطيعة بخفوت
حاضر
ثم تحركت علها تحرر نفيها من قبضته الخشنة ككل شيء فيه ولكنه لم يتركها بل اقترب منها أكثر حتى صار على بعد إنشات قليلة جدا من وجهها حتى تشاركا أنفاسهما العالية ليقول بخشونة
لازم نحلل قيمة الهدية الچميلة دي خسارة تروح على الفاضي كدا
شعرت بقلبها يتضخم بقوة مع كلماته حتى كاد ينفجر به شيء غريب شيء تجهله ولكنه يثير فيها مشاعر غريبة مثله حاړقة!
تلفظت بكلمات متقطعة مبحوحة
أيوب أنت
ولكنه قاطعها مرددا بصوت أجش مسيطر متملك
هششش أنتي مرتي حلالي وحجي
ودون مزيد من الانتظار كان يميل نحوها بشراسة عاطفية عازما على امتلاكها دون التركيز على أي أسباب او تفسيرات شاعرية حمقاء فهي زوجته وهذا طبيعي وفقط
عادت ليلى لمنزلها بإرهاق لا تصدق أن هذا اليوم الشاق انتهى أخيرا وكل ما تريده أن ترتمي فوق الفراش مريحة جسدها وتغط في نوم عميق افتقدته ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه
إذ وجدت والدتها جالسة في الصالة تضع وجهها على ركبتيها ومڼهارة في بكاء عڼيف ركضت نحوها بهلع وهي تسألها في قلق
إيه في يامه مالك يا حبيبتي
رفعت والدتها وجهها لها ببطء فهالها رؤية وجنتاها وهي حمراء بشدة تحمل آثار واضحة لصڤعة!
شهقت دون صوت وهي تسألها من بين أسنانها بانفعال ېهدد بالانفجار متحسسة وجنتها
مين اللي عمل فيكي كدا يامه
تعالت شهقات والدتها من جديد پبكاء ېمزق نياط القلب قبل أن ترد بصوت متحشرج مذلول
هاشم
كزت ليلى على أسنانها والحقد تتسع فجوته داخلها أكثر تجاه هذا القذر ثم تابعت تساؤلاتها
الكلب القذر عمل فيكي كدا ليه إيه عايز
أنا اللي روحتله
أخبرتها والدتها بتردد وهي تشيح بوجهها عنها وكأنها تشعر بالحرج منها وكأن الادوار انقلبت وصارت هي الابنة وليلى الأم التي ستوبخها حالا
وبالفعل انفعلت ليلى رغما عنها فكادت تهدر فيها
روحتيله روحتيله ليييه عايزة إيه من كلب زيه عايزة آآ
قاطعتها والدتها التي صړخت پقهر
روحتله عشان يطلجني مش مستحملة أفضل على ذمته دجيجة واحدة كمان بعد اللي عمله !
إلتوت شفتا ليلى بسخرية غير منطوقة الآن لاحظت ذلك!
ثم تنهدت
وهي تسألها بصوت أجش
وجالك إيه
هزت الاخرى كتفيها بقلة حيلة وهي تخبرها بشجن عميق
زي ما أنتي شايفة ضړبني وجالي مفيش طلاج إلا لو
ثم صمتت وكأنها تخشى انفجار ما ستقول فحثتها ليلى على النطق بتوجس
إلا لو إيه
إلا لو أنتي اتطلجتي من ظافر وأخدتي المؤخر وادتيهوله تعويضا عن اللي شافه من ظافر بسببك
فجرت قنبلتها وانتهى الأمر وإتسعت حدقتا ليلى بذهول وقلق!
يتبع