نبع الغرام رحمة سيد

موقع أيام نيوز

الفصل الأول 
وقت غروب الشمس في احدى قرى الصعيد حيث الطبيعة الخضراء الساحرة وجمالها تحديدا في بيت أحد كبار هذه القرية سالم العبادي سار ظافر العبادي بخطى متهملة محفوفة بالإرهاق بسبب عودته للتو من سفر يخص العمل دام شهرين نحو غرفة جده سالم العبادي
في تلك الاثناء استرقت العاملة بالمنزل نظرة خاطفة له مأسورة بالهيبة الرجولية التي تشع من ملامحه السمراء الخشنة الوسيمة وذقنه السوداء النامية أسفل شاربه وعزز تلك الرجولة المتوهجة جسده العريض المحاط بجلبابه الأسمر ثم سرعان ما دخلت للمطبخ من جديد متخفية عن أنظاره السوداء العميقة القوية قبل أن يلتقطها وربما تلقى منه توبيخا حادا ف ظافر شخصية صارمة لا يقبل التهاون ولا يسمح بالخطأ بتاتا 

دخل غرفة جده سالم الذي يلزم غرفته معظم الوقت مؤخرا بسبب مرضه ولم يبد اهتماما بالممرضة التي كانت مشغولة بتحضير الإبرة الطبية لجده وصوب جم اهتمامه لجده سالم الذي رفع ذراعيه نحوه بمجرد أن رآه هاتفا بلهفة وحب
أخيرا حمدلله على السلامة يا غالي يابن الغالي 
انبلجت ابتسامة صغيرة على ثغر ظافر الذي قال بهدوء رخيم
الله يسلمك يا جدي إيه عامل وإيه أخبار صحتك
هز سالم رأسه متمتما
الحمدلله بجيت أحسن لما شوفتك يا ولدي 
ثم رفع أنظاره نحو ليلى الممرضة التي بدأت العمل لديهم مؤخرا لتهتم بصحته فصارت تأتيه يوميا وأضاف بنبرة تنضح فخرا
دا ظافر حفيدي وسندي وسند العيلة كلها يا ليلى 
استدارت ليلى ببطء وابتسامة رسمية فرضتها على شفتيها لتقابل ذلك المدعو ظافر وهي تهتف برقة
اهلا يا آآ  
ولكن إنقطعت كلماتها وشحب وجهها الأبيض وهي تقابل ظافر وجها لوجه وقد كان أخر شخص توقعت رؤيته وللحظة مرت ومضات حاړقة من ماضي مقيت على عقلها فارتجفت خاصة حين اشتدت نظرته المظلمة عليها بقسۏة وكأنه تذكرها ليته لم يتذكرها !
أجبرت شفتاها على إخراج حروفها التي تلجمت
يا أستاذ ظافر حمدلله على السلامة 
استغرق ظافر ثوان شعرتهم ليلى دهر قبل أن يرد من بين أسنانه
الله يسلمك 
لم يعلق الجد على التوتر الذي ساد الأجواء فجأة وتجاهله عمدا بقوله الذي أراد به تغيير الجو المعكر
ليلى دي أكتر واحدة ارتحتلها نفسيا وحبيتها كأنها بتي 
الابتسامة كانت أصعب شيء بالنسبة لها في هذه اللحظات ولكنها رسمتها مجبرة وهي تغمغم
الله يخليك ويباركلنا في عمرك يا جدي 
ثم تحركت بخطى متلعثمة وهي تستأذنه
استأذنكم أنا خمس دجايج وهاچي 
وبالفعل خرجت مسرعة من الغرفة وهي تلتقط أنفاسها التي سلبها تواجده مفكرة أن كل شيء سينهار حتما بتواجده!
وفي حركة مباغتة كانت يد قوية تسحبها من ذراعها بحركة غليظة نحو الغرفة المجاورة المفتوح بابها ثم تركها نافضا إياها وكأنها وباء فإلتصقت تلقائيا بالحائط من خلفها وكأنها تحتمي به بعدما شعرت بضاءلتها أمام ضخامة جسده الصلب 
اقترب منها قليلا وهو يهدر فيها بصوت أجش متسائلا
إيه بتعملي هنا چايه تدوري على ضحېة چديدة
هزت رأسها نافية بسرعة
لا والله ابدا أنا چايه أكل عيش ربنا عالم باللي في ني 
ولكنه قاطعها بلهجة متوحشة تقطر نفورا
وهو اللي زيك يعرف ربنا أصلا أنتي مچرد ڼصابة 
ثم اقترب منها قليلا حتى تسنى لها رؤية عينيه السوداوتين المشتعلتين بالڠضب وهو يزمجر بكمد دفين
أنتي عارفة أنا مين أنا ظافر العبادي ظافر العبادي اللي مابيفوتش الغلطة مرتين غلطتك الأولى أنا سيبتك تفلتي منها بمزاچي لكن بكل بچاحة تتچرأي وتيچي هنا كمان يبقى أنتي ماتعرفيش أنا مين أنا أجدر أتعامل كويس مع أمثالك وأعلمهم الأدب 
صمت برهه قبل أن يسترسل بصوت متوعد قاس
أنتي اللي چيتيلي برچليكي 
هنا شعرت بقلبها سقط أرضا وأدركت
أنها بكل سذاجة ودون وعي خطت بقدميها نحو عش الأفاعي الذي استفزته مسبقا !
تركها أخيرا وهو يرمقها بنظرة أخبرتها عن تربض وحش الحقد داخله ثم غادرها محتفظا بشموخه الذي لا ينفصل عنه كجلد ثان له 
بقيت تتنفس بصوت مسموع رباه إن كانت مجرد دقائق كهذه أشعرتها أن حتفها اقترب كيف ستحتمل ساعات وأيام 
لا لن تحتمل يجب أن تغادر على الفور قبل أن يفتك بها ظافر العبادي ! 
هزت رأسها مؤكدة وهي تسرع بمغادرة الغرفة 
عاد ظافر لغرفة جده سالم من جديد رسم على وجهه ابتسامة هادئة تنافي البغض الذي انبثق من قسماته منذ ثوان ثم قبل احد يديه متمتما بمودة حقيقية
إيه يا حاچ سالم اتأخرت عليك
هز الآخر رأسه نافيا بابتسامة مشابهة لخاصة ظافر تفوح بالحب
أنت تعمل اللي أنت عايزه أنت الغالي 
هز ظافر كتفاه معا متظاهرا بقلة الحيلة وقد تعمد أن يأتي بذكر تلك السارقة ليصل لقاع هذا الموضوع 
غالي إيه بجى ما ليلى أكلت الجو مني وبجيت بتحبها أكتر 
ضحك سالم مستمتعا بتلك المناغشة ثم أردف
لسه ماتخلجش اللي يخليني أحبه أكتر منك يا ولدي الفكرة بس إن ليلى دي حسيتها مننا كدا حسيت كأني أعرفها من زمان وحبيتها چدا وسبحان ربك لما بيزرع الجبول في جلب الإنسان الممرضة الوحيدة اللي ماحسيتش إني تجيل عليها أو إنها بتمن عليا 
أججت تلك الكلمات سعير الڠضب في صدر ظافر الذي قال بكلمات مستعرة
مين اللي تجدر تحسسك إنها بتمن عليك يا چدي! دي بتاخد مبلغ محترم مقابل خدماتها 
ربت سالم على كتفه برفق مهدئا غضبه الذي ظنه دفاعا عنه
عارف يا ظافر لكن أنت عارف إني ما أحبش أبدا إن حد بيعملي حاچة مجبر 
هز ظافر رأسه مؤكدا ثم تلفظ بجدية بعد أن تبخترت أفكاره بعقله قليلا ليطيح تلك العقرباء بعيدا عنهم
طيب إيه رأيك لو أچيبلك بدالها بت عبد العال چيراننا واهي متربية جمبنا ونعرفها وتعرفنا يعني مش هتحس بأي حاچة من دول 
نفى سالم برأسه مرددا والإصرار يلفح حروفه
لا مفيش داعي لكدا يا ظافر 
استطرد ممازحا وهو يزحف بحروفه نحو إقناعه الذي شعره بعيد جدا في هذه اللحظات
ليه دي حتى أشطر ممرضة في بلدنا وأنا متأكد إنك هتصغر عشر سنين على يدها 
ابتسم سالم وهو يخبره بصدق
أنا مرتاح چدا في التعامل مع ليلى أكتر من أي حد چه او هايچي بعدها 
تنهد ظافر بصوت مسموع مغمغما بنبرة منغلقة
اللي يريحك يا چدي 
بات يعلم أنها صارت كالعلكة محاوطة قلب جده الطيب بخيوط مكرها الدنيء والآن إن أخبره أنها مجرد لصة تخطط للڼصب لن يصدق او ربما يصدق معتقدا أن الماضي قد إنقضى بكل مساؤوه 
ولكنه يعرف جيدا كيف يسلخ خيوطها بعيدا عنهم ثم يريها عاقبة من يفكر في التعدي على ما يخص ظافر العبادي !
في نفس القرية في احد المتاجر الخاصة ب أيوب العماري كان يجلس في المقعد الخاص به في نهاية المتجر مريحا جسده العريض المخبأ اسفل جلبابه للخلف وعيناه ساهمتان في الفراغ أمامه قطع السكون الذي كان يغلف البقعة الأخيرة من المتجر والتي يجلس فيها دخول والده كامل الذي ما أن رآه حتى إنتصب في جلسته وتجهمت ملامحه الرجولية السمراء حتى بزغت القسۏة الدفينة في سوادوتيه متمازجة بالنفور 
ارتسمت ابتسامة صفراء على ثغر كامل وهو يهتف بود زائف
ازيك يا أيوب عاش من شافك يا راجل 
لم يحرك ساكنا وقد كانت ملامحه صخرية منحوتة بالكره نحتا تحكي چرحا لا زال حيا في باطنها ېنزف ويضخ كرها
وقسۏة في كافة خلاياه 
إيه مش هترد السلام على أبوك!
لان ثغره الصلب بابتسامة ساخرة وعيناه تزداد سوادا وقسۏة
إيه عايز إيه اللي رماك عليا !
رفع كامل حاجبيه باستنكار وأنفاسه تشتعل ب لهيب الكره رغم أن من يجلس أمامه بكامل عنفوانه وهيبته هو ولده الوحيد ولكن جسور الكره الممدودة بينهما ستظل موجودة حتى أخر العمر
رغم إن طريجتك معايا زي الزفت ورغم إنك مش عامل حساب إني أبوك وليا احترامي ده غير رضايا ولا أنت 
قاطعه أيوب بنبرة بها شيء من القسۏة والشراسة
ادخل في الموضوع على طول بلاش حواراتك دي ماتنفعش معايا أنا بالذات 
قبض كامل يده من أسفل الطاولة بقوة مانعا نفسه من إغراقه بوابل من الشتائم القڈرة مقنعا ذاته أن أموال ابنه تستحق العناء ولا بأس من دهس كرامته قليلا الأهم هو الاستيلاء على حجم ثورته بالدخول البطيء لعقر داره قرر تلوين نبرته بقليل من الحزن واليأس تزامنا مع معالمه البائسة
يا بني مفيش حد هيحبك زيي ده حتى في حتة أرض كبيرة جوي 
ثم صمت قليلا وإلتفت حوله يتأكد من خلو المكان من حولهما وأخفض نبرته عمدا
مش أي أرض دي تحتها آثار كتير هاتنجلك نجلة تانية 
ضحك أيوب ضحكة مستنكرة خبيثة
انت فاكرني كده هتبسط وافرح بالشغل المشپوه صح!
مشپوه!
سأل كامل في استهجان لاذع فأجاب أيوب بنبرة قاتمة غليظة
أيوه وشوية شوية هاتجولي يلا ننصب على الناس فاكرني نسخة منك لا أنا هفضل طول عمري نضيف وشغلي بما يرضي الله لكن ده 
سكت برهة وأشار نحو موضع قلبه يردف بنبرة صلدة باردة
هيفضل من ناحيتك أسود وهتفضل أنت الحاچة السودة اللي منغصة عليا عيشتي هفضل طول عمري بكرهك وهكرهك ومش هسيبك إلا لما أشوفك مذلول زي ما ذليتنا 
هب كامل واقفا پغضب وهو ينثر كلماته الھجومية
هو أنت كل ما تشوف وشي يا ابن زينب هاترمي لي الكلمتين دول إيه ما بتزهجش 
لا وعندي استعداد أسمعك اللي أمر منهم رغم إني متأكد إنه مش هيفرق معاك وأنت مش هتشوفني غير ابنك الغني اللي ھتموت وتكوش على فلوسه بس ده في أحلامك 
احتدت عيني كامل وهو يلقي بكلماته الخبيثة عن قصد قبل أن يغادر ويترك أيوب يغلي ڠضبا
فلوسك مسيرها ليا وأنت هتفضل كده محلك سر أنت لا ليك ولد يشيل اسمك ولا واحدة تورث فلوسك ماتجلجش يا حبيبي كل أملاكك ليا 
أنهى كلامه وغادر المتجر يتهادى في مشيته عن قصد أما أيوب فهمس پحقد ممزوج بالوعيد
أهون عليا الكلاب تجطعها ولا إنك تطول مليم منهم 
بعد فترة 
كانت غرام تجلس في منزل كامل العماري منتظرة مجيء زوجته حتى تأخذ مقاساتها لتقوم بتفصيل بعض الملابس لها حسب طلبها فهذا هو عملها خياطة ومصدر رزقها الذي تقوم به للنسوة في قريتهم متجاهلة المضايقات التي قد تحدث لها أحيانا بسبب تنقلها من منزل لآخر فقط بسبب جمالها الذي أوشكت أن تمقته! 
فهي بيضاء البشرة على عكس معظم بنات بلدتهم ذات عيناه بندقيتان تجذبان نظر كل من تقع عيناه عليهما وملامح انثوية رقيقة وجسد ممشوق لتكتمل اللوحة الانثوية المرسومة بدقة 
جاءت بعد قليل هويدا تتهادى في مشيتها ببرود غير آبهه بالاخرى التي طال انتظارها لها فتنفست غرام بصوت مسموع قبل أن تحثها بنبرة أجشة
ياريت ناخد المجاسات عشان ماتأخرش 
جال
تم نسخ الرابط